Translate

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

الذكرى الرابعة... هل نبتهج أم نلتعج؟

  الثورة يقوم بها الشرفاء ويستفيد منها الحقراء، وإذا كانت النتيجة مخيّبة للآمال فإن ذلك لا يبخس حق من قام بالثورة ولا يلغيها كحدث من أحداث التاريخ.
كلّنا يعرف بأن ليبيا بعد أربعة سنوات من قيام ثورة 17 فبراير نكصت على أعقابها وتراجعت إلى ما هو أسوأ بكثير من تلك الأوضاع التي قامت على إثرها هذه الثورة، لكن كل هذا لا يمكنه قطعاً أن يلغي أهميّة ثورة 17 فبراير في حياة الشعب الليبي.
ثورة 17 فبراير قام بها الشعب الليبي من أجل الإنتصار لكرامته التي أهينت في ظل نظام حكم شمولي جثم على رقاب الليبيّين والليبيّات لأكثر من أربعة عقود من الزمان وما كان ذلك النظام لينتهي لولا ثورة الشعب عليه.
ثورة 17 فبراير كانت من أجل الحريّة ومن أجل الكرامة ومن أجل فسح الطريق لبناء دولة عصريّة... كانت من أجل القضاء على التسلّط ومن أجل إنهاء الطغيان. الثورة نجحت بكل إقتدار في تحقيق أهدافها، لكن ما تعاني منه بلادنا الآن ليس له علاقة بثورة 17 فبراير.
الثورة تحدث التغيير لكنّها أبداً لا تبني الدول....تلك هي سمات الثورة وذلك هو المفهوم الحقيقي لها. الثورة تغيّر الوضع القائم لتفسح المجال للقادرين بأن يصنعوا البديل. ما يحدث بعد التغيير هو ليس من الثورة في شئ، وإنّما يدخل ذلك في مفهوم أن الثورة يقوم بها الشرفاء ويستغلّها الحقراء... وهذا ما حدث في ليبيا وللأسف.
إن فساد الحياة في ليبيا لا يمكن لوم ثورة 17 فبراير عليه ولا يمكن تحميلها المسئوليّة عمّا حدث بعد 17 فبراير 2011. الثورة نجحت وتمكّنت بالفعل من تحقيق أهدافها، أما ما حدث بعدها من إنكسارات وإحباطات فتلك يلام عليها كل من إقترفها ولا يمكن تحميل الثورة أوزارها. 
هناك الكثير منّا من أصبح الآن يحن إلى نظام الطاغية القذّافي ويتمنّى عوته، وأقول لأمثال هؤلاء لو كان الطاغية القذّافي حاكماً يمكن الحنين إلى عهده لما كان الشعب قد رفض أفكاره ثم لفظه. إن تعاسة ما نعاني منه الآن لا تبرّر النظر إلى الوراء أو التوق إلى إعادة ما كان قد إنتهى ومضى. تعاستنا الحاضرة يجب بأن تكون مدعاة للتغيير ودفعاً للنظر إلى الأمام وليس تحسّراً على الماضي حتى وإن كان مشرقاً فما بالك به وقد كان ماضياً مؤلماً. إن التقدّم لا يصنعه التفكير بمعطيات الماضي مهما بدا لنا الماضي مريحاً مقارنة بحاضرنا البائس.
قد لا نجد ما نحتفل به اليوم، وقد تعيد علينا هذه الذكرى مآسي وآلام حاولنا تناسيها لكن هذا لا يمنع كونها تذكرة لذلك اليوم العظيم الذي خرجت فيه جموع الشعب الليبي بكل أعمارها وبكل طوائفها وبكل مكوّناتها الثقافية لتنتصر للحق وتهزم الطغيان.... فتحيّة لكل شهيد سقط من أجل إنجاح هذه الثورة، وتحيّة لكل ليبي وليبيّة شاركوا بصدق في هذه الثورة الشعبيّة.
 في نهاية المطاف فإنّ ليبيا سزف تخرج من هذه الأوحال سليمة ومعافاة وموحّدة، وسوف تتأسّس الدولة العصريّة رغماً عن الدجّالين وتجّار الدين. يقول الله تعالى: { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْر}.. صدق الله العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق