Translate

الأحد، 15 أبريل 2018

ماذا تتوقّعون من قمّة عربيّة تعقد في السعوديّة؟

 
من سوء حظّي أنّني فتحت التلفزيون على العربية هذا اليوم وكان المتحدّث هو الأمين العام للجامعة العربيّة، وكان يتحدّث من المملكة السعوديّة حيث تنعقد الدورة ال29 من القمّة العربيّة، وكان كل الذي صبرت على تحمّل سماعه 5 دقائق شعرت بعدها بالتقزّز والقنوت والإشمئزاز.
كان السيّد أحمد أبو الغيط يتحدّث وكل ما سمعته منه: إن إيران تريد التوسّع على حساب البلاد العربيّة، وإيران تخطّط للإستحواذ على بلاد العرب..... عندها أقفلت التلفزيون وذهبت.
حينما كنت صغيراً كانت مؤتمرات القمّة العربية بالنسبة لنا حلماً ننتظره طويلاً ثم نبدأ في ترقّبه عند حلول موعده، وأتذكّر أنّني كنت أتمسمر أمام شاشة التلفزيون أستمع إلى كل الحكّام العرب وهم يلقون كلمات بلدانهم، كل منهم يتحدّث عن الأمل العربي... الغد العربي... الحلم العربي... والكرامة العربيّة. كانت فلسطين دائماً وأبداً حاضرة في كلمة كل ملك ورئيس، وحتّى أولئك الذين كانوا - ومازالوا - يدورون في فلك بريطانيا وأمريكا كانوا لا يقدرون أبداً أن لا تكون فلسطين بارزة ومشعّة في كلماتهم؛ وأنا أعرف حينها بأنّها ليست الوطنيّة بالنسبة لهم، لكنه الخوف من الراحل جمال عبد الناصر هو ما يفرض عليهم إستحضار فلسطين في كلماتهم.
قد يقول قائل: وماذا حقّق العرب في كل مؤتمراتهم العربيّة، ومتى إنتصر العرب في أي حرب من أجل فلسطين؟. أقول لكل من يقول مثل ذلك الكلام: نعم، كان العرب يتكلّمون ولا يفعلون، وكانوا بالفعل يدغدغون مشاعر الناس في بلدانهم العربيّة - وكنت أنا من بين المدغدغين بكل تأكيد - ولكن أن تدغدغني وتتركني باسماً بدون أن تعطيني حليباً خير من أن تعطيني حليباً وتتركني واجماً مكتئباً وفاقداً لكرامتي.
المهم في الأمر... أن إيران أصبحت بفعل فاعل هي عدوّنا وهي من ينتظر اللحظة لينقض علينا ويغتصب أراضينا. إيران أصبحت بفعل فاعل هي عدوّة العرب الأولى والأخيرة، ولم نعد هذه السنوات نسمع عن أي شئ إسمه "العدوان الإسرائيلي". لم تعد إسرائيل هي عدوّتنا، بل إيران ولا عدو آخر غير إيران..... لماذا يا أيّها العرب؟.
أن يقول ذلك ملك السعوديّة أو وزير خارجيّتها أو ولي عهدها فتلك أقدر أنا أن أفهمها وإستوعبها وأعذره عليها، لكن أن يتفوّه بذلك الأمين العام للجامعة العربيّة فتلك لعمري بالنسبة لي صعبة على الفهم.
يا عرب يرحمكم الله... متى إحتلّت إيران أراضيكم، ومتى أعلنت بأن لها الحق في ذلك البلد أو هذا البلد؟. الأحواز هي جزء لا يتجزأ من إيران، ومن واجب إيران السماح لهم التحدّث بلغتهم... لا أرى غضاضة فيها، ولكن بشرط.... أن نسمح نحن العرب للأمازيغ بأن يتحدّثوا بلغتهم، وأن نسمح نحن العرب للأكراد بأن يتحدّثوا بلغتهم.. أن نحترم نحن الأقلّيات (العددية) في بلداننا كي يحترم غيرنا أقلّياتنا العربية عندهم.
ثم... يا عرب... إيران هي جارتكم منذ بدء الخليقة وسوف تبقى جارتكم إلى أن يأتي أمر الله على الكون. إيران ليست دخيلة عليكم، ولا غريبة في منطقتكم، وهي تدين بدينكم، وأغلب لغتها هو شبيهاً بلغتكم. إيران تحسّ بآحاسيسكم وتتألّم لمصائبكم، وتسخى عليكم بكرمها حينما تجوعون. كما أنّكم بكل تأكيد سوف تغيثون إخوانكم الأيرانيين إن هم إحتاجوا إليكم. نحن والإيرانيّون جيران ونشترك في الآحاسيس والمشاعر... فأين هي "إسرائيل" من كل ذلك؟.
السعوديّة ترتعب من إيران وزادها البريطانيّون والأمريكيون - عن قصد - إرتعاباً بأن صنعوا لها من إيران بعبعاً مخيفاً وغولاً ضخماً وكبيراً وشرساً لا همّ له غير إحتلال أرض الحرمين والسيطرة على مكّة لغية في أنفسهم نحن نعرفها وهم بكل تأكيد يعرفونها ويسترزقون عليها. 
ذلك هو المشهد الذي رسمه الغرب للسعوديّة التي من وقع الهلع والخوف وغياب الخبرة والتجربة صدّقت كل ما سمعته منهم... ولكن ماذا عن الآخرين؟. لماذا يا سادتي، يا حكّام العرب، لا تتحسّسوا ضمائركم ومشاعركم ومسئولياتكم ومتطلبات شعوبكم منكم؟. شعوبكم تريد منكم التصالح مع إيران وضمّها إلى جانبكم، فهي تمتلك القوّة وهي تمتلك العقول الواعدة وهي تؤمن بنفس الدين الذي تؤمنون به. إيران ستكون عونا لكم إن أنتم صالحتموها وتقرّبتم منها. إيران هي جارتكم، وأنتم في كل صباح ومساء ترددون: ((ومازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت بأنّه سيورّثه)).. أمّا أن ذلك كلام موجّه لنا نحن الشعوب التابعة لكم، لكنّه لا ينبع من آحاسيسكم ولا يعكس عمق إيمانكم؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق